شيءٌ من النثر - تأليف: نزار قباني

كان الوطن العربي يبدو حاضراً على الخريطة كنانة مذبوحة يسيل دمها من الخليج وحيداً إلى المحيط.. لغرفة بيروت تغرق في مياه البحر الأبيض المتوسط، كإسوارة نادرة من البلاتين والذهب.. وكان المؤسف هو تفسير العربي البسيط له بممارسة حق البكاء... أو بممارسة حق بسبب أرصفة المدن العربية.. لذلك قررت الإضراب عن الصمت.. على طريقة المساجين في الإضراب عن الطعام. على أمل أن تتحسن شروط السجن العربي.. أو تتحسن -على ما بعد الصراع- أخلاق السجانين.. كنت أقول لنفسي خلال فترة الصمت والقرف: (أنه العصر العربي الرديء).. ولا بد أن يجيء عصر عربي آخر، يمحو خطايا العصر الأول، ويكفر. عن ذنوبه.. وها أن هذا أكتشف، بعد طول الصمت والصيام، أن العصور العربية كلها أتاس من بعضها.. إلا ت تشابه كحبات الرز وعيون الصينيين.. ملحوظ محكوم عليما أن لا نبقى تحت العباءة وتصل من أربعة.. حتما.. وقد. .والشتيمة.. إلى يوم القيامة.