أرخص ليالي - تأليف: يوسف إدريس
أرخص ليالي - تأليف: يوسف إدريس
Normaler Preis
£12.00
Normaler Preis
Verkaufspreis
£12.00
Grundpreis
/
pro
ردمك: 9789771440292
عدد الصفحات: 215
سنة النشر: الطبعة 8 - 2019
دار النشر: نهضة مصر
نوع الغلاف: عادي
بعد صلاة العشاء كانت خراطيم من الشتائم تتدفق بغزارة من فم عبدالكريم فتصيب آباء القرية وأمهاتها, وتأخذ فى طريقها الطنطاوى وأجداده, والحكاية ان عبد الكريم ما كاد يخطف الاربع ركعات حتى تسلل من الجامع ومضى فى الزقاق الضيق وقد لف يده وراء ظهره وجعلها تطبق على شقيقتها فى ضيق وتبرم, وأحنى صدره فى تزمت شديد وكأن أكتافه تنوء بحمل (البشت) الثقيل الذى غزله بيده من صوف النعجة.
ولم يكتف بهذا بل طوى رقبته فى عناد وراح يشمشم بأنفه المقوس الطويل الذى كله حفر سوداء صغيرة, ويزوم, وقد أطبق فمه فانكمش جلد وجهه النحاسى الاصفر, ووازت أطراف شاربه قمم حواجبه التى كانت ماتزال مبللة بماء الوضوء.
والذى بلبل كيانه, انه ما أن دخل الى الزقاق حتى ضاعت منه ساقاه الغليظتان المنفوختان, ولم يعد يعرف وضع قدميه الكبيرتين المفلطحتين اللتين تشقق أسفلهما حتى يكاد الشق يبلع المسمار فلا يبين له رأس
ارتبك الرجل رغم القسوة التى ضم بها نفسه لان الزقاق كان يمتلئ بصغار كالفتافيت يلعبون ويصرخون, ويتسربون بين رجليه, ويسرح واحد من بعيد وينطحه, ويشد آخر (البشت) من ورائه, ويصيبه شقى بصفيحة فى أصبع قدمه الكبيرة النافرة عن بقية أصابعه.
ولم يستطيع ازاء هذا كله الا أن يسلط عليهم لسانه, فيخرب البيوت فوق رؤوس آبائهم وأجدادهم, ويلعن الداية التى شدت رجل الواحد منهم, والبذرة الحرام التى أنبتته.
ويرتعش عبد الكريم بالحنق وهو يسب ويمخض ويبصق على البلد الخائب الذى أصبح صغار فى صغار ويتساءل, و (بشته) يهتز, عن معمل التفريخ الذى يأتى منه من هم أكثر من شعر رأسه, ويزداد غيظه وهو يطمئن نفسه ان الغد كفيل بهم, وان الجوع لامحالة قاتلهم, و (الكوريره) سرعان ماتجئ فتطيح بنصفهم.
بعد صلاة العشاء كانت خراطيم من الشتائم تتدفق بغزارة من فم عبدالكريم فتصيب آباء القرية وأمهاتها, وتأخذ فى طريقها الطنطاوى وأجداده, والحكاية ان عبد الكريم ما كاد يخطف الاربع ركعات حتى تسلل من الجامع ومضى فى الزقاق الضيق وقد لف يده وراء ظهره وجعلها تطبق على شقيقتها فى ضيق وتبرم, وأحنى صدره فى تزمت شديد وكأن أكتافه تنوء بحمل (البشت) الثقيل الذى غزله بيده من صوف النعجة.
ولم يكتف بهذا بل طوى رقبته فى عناد وراح يشمشم بأنفه المقوس الطويل الذى كله حفر سوداء صغيرة, ويزوم, وقد أطبق فمه فانكمش جلد وجهه النحاسى الاصفر, ووازت أطراف شاربه قمم حواجبه التى كانت ماتزال مبللة بماء الوضوء.
والذى بلبل كيانه, انه ما أن دخل الى الزقاق حتى ضاعت منه ساقاه الغليظتان المنفوختان, ولم يعد يعرف وضع قدميه الكبيرتين المفلطحتين اللتين تشقق أسفلهما حتى يكاد الشق يبلع المسمار فلا يبين له رأس
ارتبك الرجل رغم القسوة التى ضم بها نفسه لان الزقاق كان يمتلئ بصغار كالفتافيت يلعبون ويصرخون, ويتسربون بين رجليه, ويسرح واحد من بعيد وينطحه, ويشد آخر (البشت) من ورائه, ويصيبه شقى بصفيحة فى أصبع قدمه الكبيرة النافرة عن بقية أصابعه.
ولم يستطيع ازاء هذا كله الا أن يسلط عليهم لسانه, فيخرب البيوت فوق رؤوس آبائهم وأجدادهم, ويلعن الداية التى شدت رجل الواحد منهم, والبذرة الحرام التى أنبتته.
ويرتعش عبد الكريم بالحنق وهو يسب ويمخض ويبصق على البلد الخائب الذى أصبح صغار فى صغار ويتساءل, و (بشته) يهتز, عن معمل التفريخ الذى يأتى منه من هم أكثر من شعر رأسه, ويزداد غيظه وهو يطمئن نفسه ان الغد كفيل بهم, وان الجوع لامحالة قاتلهم, و (الكوريره) سرعان ماتجئ فتطيح بنصفهم.