قابيل أين أخوك هابيل - تأليف. إبراهيم الكوني
قابيل أين أخوك هابيل - تأليف. إبراهيم الكوني
- النوع: غلاف عادي
- الناشر: المؤسسة العربية للدراسات والنشر
- تاريخ النشر: 2007
- ISBN: 978 9953 36 170 3
قام سيدي يوسف بزيارة مفاجئة للقلعة. ثمّ خرج من هناك ليعلن رغبته في عقد عهد مع شقيقه. ولكن أحداً لم يصدّقه لأن الكلّ تعوّد على بلبلته وغرابة أطواره. أمّا سيدي يوسف فذهب بزيارة البك ليقسم له بصدق نواياه. ولم تمض أيام قليلة بعد هذا الإعلان حتّى فوجئت المدينة بالموكب المهيب الذي خرج من أسوار القلعة متجهاً صوب المنشية حيث ينتصب ضريح الوليّ الكبير. اخترق الموكب شوارع المدينة يتقدّمه أكابر المملكة وأعيان المدينة وأعوان الباشا وقادة الجيش ورئيس البحرية والوزراء وحتى الكاهية الكبير الجديد، ولم يتخلف عن هذا الركب سوى الباشا نفسه. في داخل الحَرَم تواجه الشقيقان. تناولا من أيدي الأعوان سكينين ووعائين. قام كلّ منهما بجرّ السكين على راحة يده ليفزّ الدّم من راحة كلّ منهما. تركا الدّم ينزف من يديهما في الوعائين ووقفا صامتين. ينظر كل منهما في وجه الآخر. في مقلتي سيدي يوسف ضبط البك بسمة غامضة. بسمة ساخرة ممزوجة بإيماء خفيّ. بإيماء خبيث. يقيناً أن الإيماء في تلك المقلة كان يومها إيماء استهزاء مضافاً إليه نصيب من خبث. هدا ما تهيّأ له يومها، ولم يُكتب له أن ينسى هذا الإيماء في تلك اللحظة الجليلة أبداً. بل ما لبث أن تذكّره بعد ذلك اليوم بزمن طويل عندما جرَت الرياح بغير ما تشتهي السفن فتمزق عن الوجه القناع.