تأليف القوقعة. عبدالله الغزال
تأليف القوقعة. عبدالله الغزال
- تكملة: غلاف عادي
- الناشر: تدخين العربي
- تاريخ النشر: 2006
عندما تشرع في قراءة "القوقعة" لعبد الله علي الغزال، يدهمك جزء بسيط، وينتابك الإحساس، في حين تكون مهووساً بروايات المغامرات وكثرة الأحداث، أن لا شيء آيس داخل القوقعة، وأن ما فيها بتؤدة وبطء لا نظير لهما، أو ما هي عالم يتقدم إليك بهدوء وبساطة وعمق.
يبرز لك هذا الجلوس في غياب الحدث الذي تلهث وراءه أو الذي تبغي تسعيه لتلاحق ما سيجري وتخلق لك العولمة في مخيلتك الجامحة، لأن كل واحد منا عندما يقتحم مجتمع الرواية، أي رواية، ينطلق مما لديه من تجارب في القراءة. فال الأحداث هنا واضحة، وحتى ما أغلق منها لا يمكن أن يضمنه إلى ما تتجمعه من الأحداث و التحقيقات، إلا بعد أن يتم الاتصال بشواطئها مهم من عوالم النص الروائي، وحتى في هذه الحالة الأخيرة ابحث عن ما ادخرته منها قليل جداً، بالقياس إلى ما يتزاحم لديك وأنت تتابع شريطاً أميركياً أو تقرأ رواية كلاسيكية، وإن كان العمود الذي يتأكد لك من القراءة وأغنى.
وان راوي وهو يبدأ ماهر وحاذق، يأخذ كل وقته ليبني عالماً لا تتشكل ملامحه إلا بعد الانتهاء منه، وهو يبنيه غير مستعجل ولا يتابع بشغل آخر يقضيه غير غزل خيوط عالمه بهدوء وصبر واناة، يصف الأشياء ويتوقف عند أدق التفاصيل محيط بعالم شخصية "ميكال" ، وانعكاساتها الذاتية على تردده والهادته إلى درجة الجماد: تربصة مثلاً للزنجي والفتاة، أو تلصاته العديدة على مالك المزرعة وضيوفهم في سهراتهم ليلاً، أو على ابن مالك المزرعة و"نوار" أو معاينته مشهد قتلها الشامل على يد ابن مالك المزرعة ببرود ولماد يصل إلى حد الموت في نهاية الرواية.
إنها سبعة أقسام شبكتك بين فضاءات متعددة، ثلاثية الأبعاد: النيجر، ليبيا، تونس، وداخل هذه الفضاءات ينقلك السرد من الصحراء إلى البحر، ففي الصحراء تجد المجموعة الإفريقية التي لماذا لها الجفاف والجوع وتفرض على أبنائها الهجرة إلى الشمال (ليبيا) كمحطة عابرة أو صحافه وفي للوصول إلى الحلم تصل إلى حيوات وتنتهي محصولك. وفي المدينة الحلم، يأتي السور الذي يضيق عليها ويحاصرها فترى الثراء السريع ومقابله منفصل عن طريق إشباع الغريزة السياحية واتركها.
هذه الطائرة التي تقوم بها الشخصية المحورية "ميكال" تتأسس على حافز مركزي هو تربية البطل معه "قوقعة" تصير تختزل "وجوده" ومقررة لمصيره، إلى جانب وصية حكيمة (ناسكة، نوار معاً وراءهما وصية). يؤدي خلاصة الوصية، وضياع القوقعة برجاً في حياة البطل: ضياع البوصلة خلال مدى واسع في الرواية، فيكون، هل كل ما وقع نتاج هذا الإهمال، وبعد أن ينقطع كل ما وقع، وتغطي كل الفجوات وتسد كل الكأس، يتخلص ميكال على "قوقعته" فيكون ذلك إيذاناً بانتهاء الأمر، فتقرر ما قبل الأخيرة في الرجوع إلى موطنها العقدة الأولى. وهذه "القوقعة" ستغدو عنواناً على دلالات متعددة يوحي المساهمة والنص بين الفينة والأخرى، وهي تتكامل فيما بعد استكمال استكمال صورة النص العامة، وبالتالي فهي حين تكون "عنوان" فهي سهلة تختزن كل مقوماته وعناصره.