فشلوم. تأليف. عزة المقهور
فشلوم. تأليف. عزة المقهور
Normaler Preis
£12.00
Normaler Preis
Verkaufspreis
£12.00
Grundpreis
/
pro
سكنت عمتي “كميلة” فشلوم، وتحديدا في زقاق “الجامع الكبير”، كان أبي يأخذنا من “الظهرة” إليها، تخرج فاتحة ذراعيها في استقبالنا كما تتفتح زهور “نوار العشية” في حديقتها الأمامية، باب بيتها مفتوح، تمتلئ حجرة الجلوس بجاراتها، مرصعة بالمنادير، وتتوسط جدارها صورة فوتغرافية لوحيدتها في فستان العيد أمام الجامع الكبير، … أتذكر “مرت الزقلوط” الذي يمتهن طهور الصغار مجانا، و “مرت عمي الهادي” مدير المدرسة… وغيرهن، وغالبا ما نجدها في بيت إحداهن…كانت تعد لوالدي “خبزة الحوش” ، نأخذها ونعود أدراجنا إلى “الظهرة“.
تميزت فشلوم عن الأحياء المحيطة بها بسكانها، وبقلة النازحين منها وشح القادمين الجدد اليها، ومهما بَعُد “ولد فشلوم” عنها تتمدد جذوره حتى تصل اليها، ومهما تعلم وعَلا شأنه يظل مواظبا على إيقاع حياتها الفريد الذي تواترت عليه الأجيال، فخورا بها.
هكذا هو “فشلوم” حي متكامل ينبض وسط الأحياء، شعبي ببساطة أهله و ترابطهم وتمازجهم، بخصوصيته وبشاشة أهله، بأصوات شبابه ينادي بعضهم البعض، بنسائه تلتحفن “الفراشية”، بصغاره يلعبون في الأزقة ويذهبون إلى مدارسهم سيرا على الأقدام، بدكاكينه ومقاهيه الصباحية، بأصالته دون تعنت، بملامحه التي لاتشيخ.
“طلعت فشلوم“……
وكأن فشلوم هي المدينة بأكملها، وشبابها شباب “المدينة” كلها…. خرج شباب فشلوم يهتفون للحرية بشجاعة عرفوا بها… أطلقوا عليهم الرصاص، وأغروهم بالمال، قاوموهما معا، يتظاهرون كل ليلة بصوت عال ويواجهون الطلقات بالصفير…..يدخلون الأزقة المعتمة حين يشتد القنص ويحتمون بالبيوت المفتوحة تخفق قلوبهم بقوة تحت ملابسهم الشتوية.